سورة الزخرف - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الزخرف)


        


قوله تعالى: {حم} قد تقدم بيانه المؤمن.
{والكتاب المُبينِ} قسمٌ بالقرآن.
{إِنّا جَعَلْناه} قال سعيد بن جبير: أنزَلْناه. وما بعد هذا تقدم بيانه [النساء: 82] [يوسف: 2] إلى قوله: {وإِنَّه} يعني القرآن {في أُمِّ الكتاب} قال الزجاج: أي: في أصل الكتاب، وأصل كلِّ شيء: أُمُّه، والقرآن مُثْبَتٌ عند الله عز وجل في اللوح المحفوظ.
قوله تعالى: {لَدَيْنا} أي: عندنا {لَعَلِيٌّ} أي: رفيع. وفي معنى الحكيم قولان:
أحدهما: مُحْكَم، أي: ممنوعٌ من الباطل، قاله مقاتل.
والثاني: حاكمٌ لأهل الإِيمان بالجنة ولأهل الكفر بالنار، ذكره أبو سليمان الدمشقي، والمعنى: إن كذَّبتم به يا أهل مكة فإنه عندنا شريفٌ عظيمُ المَحَلِّ.
قوله تعالى: {أَفَنَضْرِبُ عنكم الذِّكر صَفْحاً} قال ابن قتيبة: أي: نُمْسِكُ عنكم فلا نذكُركم صفحاً، أي: إِعراضاً. يقال: صَفَحْتُ عن فلان: إذا أعرضت عنه، والأصل في ذلك أن تُولِّيه صَفْحةَ عنقك، قال كُثَيِّر يصف امرأة:
صَفُوحاَ فما تَلْقاكَ إلاّ بَخِيلَةً *** فمَنْ مَلَّ منها ذلك الوَصْلَ مَلَّتِ
أي: مُعْرِضَة بوجهها، يقال؛ ضَرَبْتُ عن فلان كذا: إِذا أمسكتَه وأضربتَ عنه. {أن كنتم} قرأ ابن كثير، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر: {أن كنتم} بالنصب، أي: لأِن كنتم قوماً مسرفين. وقرأ نافع، وحمزة، والكسائي: {إِن كنتم} بكسر الهمزة. قال الزجاج: وهذا على معنى الاستقبال أي إِن تكونوا مسرفين نَضْرِبْ عنكم الذِّكْر.
وفي المراد بالذِّكْر قولان:
أحدهما: أنه ذِكْر العذاب، فالمعنى: أفنُمْسِكُ عن عذابكم ونترُكُكم على كفركم؟! وهذا معنى قول ابن عباس، ومجاهد، والسدي.
والثاني: أنه القرآن فالمعنى: أفنُمْسِكُ عن إنزال القرآن من أجل أنكم لا تؤمِنون به؟! وهو معنى قول قتادة، وابن زيد.
وقال قتادة: {مُسْرِفِينَ} بمعنى مشركين.
ثم أعلم نبيَّه أنِّي قد بعَثتُ رُسُلاً فكُذِّبوا فأهلكتُ المكذِّبين بالآيات التي تلي هذه.
قوله تعالى: {أَشَدَّ منهم} أي: من قريش {بَطْشاَ} أي: قُوَّةً {ومضى مَثَلُ الأوَّلِينَ} أي: سبق وصفُ عِقابهم فيما أُنزل عليك. وقيل: سبق تشبيه حال أولئك بهؤلاء في التكذيب، فستقع المشابهة بينهم في الإِهلاك.
ثم أخبر عن جهلهم حين أقَرُّوا بأنه خالق السموات والأرض ثم عبدوا غيره بالآية التي تلي هذه؛ ثم التي تليها مفسَّرة في [طه: 53] إلى قوله: {لعلكم تهتدون} أي: لكي تهتدوا في أسفاركم إلى مقاصدكم.


قوله تعالى: {والذي نزَّل من السماء ماءً بقَدَرٍ} قال ابن عباس: يريد أنه ليس كما أنزل على قوم نوح بغير قَدَرٍ فأغرقهم، بل هو بقَدَرٍ ليكون نافعاً. ومعنى: {أنشَرْنا}: أحيَيْنا.
قوله تعالى: {كذلك تُخْرَجوُنَ} قرأ حمزة، والكسائي، وابن عامر: {تَخْرُجُونَ} بفتح التاء وضم الراء؛ والباقون بضم التاء وفتح الراء. وما بعد هذا قد سبق [يس: 36 42] إلى قوله تعالى: {لتستووا على ظُهوره} قال أبو عبيدة: هاء التذكير ل {ما}.
{ثم تذكُروا نعمة ربِّكم} إذ سخَّر لكم ذلك المَركب في البَرِّ والبحر، {وما كنا له مُقْرِنِينَ} قال ابن عباس ومجاهد: أي: مُطيقين. قال ابن قتيبة: يقال أنا مُقْرن لك، أي: مُطيق لك، ويقال: هو من قولهم: أنا قِرْنٌ لفلان: إذا كنتَ مثله في الشِّدة. فإن قلتَ: أنا قَرْنٌ لفلان بفتح القاف فمعناه: أن تكون مثله بالسِّنّ. وقال أبو عبيدة: {مُقْرِنِينَ} أي ضابِطِين، يقال: فلان مُقْرِنٌ لفلان، أي: ضابط له.
قوله تعالى: {وإنّا إلى ربِّنا لَمُنْقَلِبونَ} أي: راجعون في الآخرة.


قوله تعالى: {وجَعَلوا له مِنْ عِباده جُزْءاً} أمّا الجَعْل هاهنا، فمعناه: الحُكم بالشيء، وهم الذين زعموا أن الملائكةَ بناتُ الله؛ والمعنى: جَعلوا له نصيباً من الولد، قال الزجاج: وأنشدني بعض أهل اللغة بيتاً يدل على أن معنى {جزءٍ} معنى الإِناث- ولا أدري البيت قديم أو مصنوع-:
إِنْ أَجْزَأَتْ حُرَّةٌ يَوْماً فلا عَجَبٌ *** قد تُجْزِئ الحُرَّةُ المِذْكارُ أَحْيانا
أي: آنثت، ولدت أُنثى.
قوله تعالى: {إِنَّ الإِنسان} يعني الكافر {لَكَفورٌ} أي: جَحودٌ لِنِعَم الله عز وجل {مُبِينٌ} أي: ظاهرُ الكُفر.
ثم أنكر عليهم فقال: {أمِ اتَّخَذَ مِمّا يَخْلُقُ بناتٍ} وهذا استفهام توبيخ وإِنكار {وأصْفاكم} أي: أخلَصَكم بالبنينَ.
{وإِذا بُشِّر أحدُهم بما ضَرَبَ للرحمن مَثَلاً} أي: بما جعل لله شبها، وذلك أن ولد كلِّ شيء شبهه وجنسه. والآية مفسرة في [النحل: 58].
قوله تعالى: {أَوَمَنْ يُنْشَّأُ} قرأ حمزة، والكسائي، وخلف، وحفص: {يُنَشَّأُ} بضم الياء وفتح النون وتشديد الشين، وقرأ الباقون: بفتح الياء وسكون النون. قال المبرِّد: تقديره: أو يَجَعلون من ينشأ في الحِلْية قال أبو عبيدة: الحِلْية: الحِلَى.
قال المفسرون: والمراد بذلك: البنات، فإنهنُ ربِّين في الحُلِيِّ والخصام بمعنى المُخاصَمة، {غيرُ مُبِينٍ} حُجَّةً. قال قتادة: قلَّما تتكلَّم امرأة بحُجَّتها إلاّ تكلَّمتْ بالحُجَّة عليها.
وقال بعضهم: هي الأصنام.

1 | 2 | 3 | 4 | 5